مدونة العين السرمدية

صورتي
أنا العين السرمدية التي منذ أكثر من 25 سنة وهي ما زالت وستبقى. كتبت ما أحست بداخلها من مشاعر على اوراق الدفاتر والأجندات في زمن لم يكن يوجد هذا الانترنت وأحست الآن انه لا بد ان يتم وضعها على هذه المدونة لتشارك بها الأخرين
المدونة شخصية ثقافية أدبية كلاسيكية رومانسية موسيقية شعرية

10 يناير 2011

قصة طائر الشوك




"تقول الأسطورة أن هناك عصفوراً يغني مرة واحدة في حياته, و غناؤه أعذب من غناء كل مخلوقات الأرض. فمنذ اللحظة التي يهجر فيها عشه, يطير باحثاً عن غصن شائك ولا يرتاح حتى يجده. عندئذٍ يغرز في صدره أحد شوكة و أكثرها طولاً وهو يتابع غناءه بين الأغصان الوحشية. وإذ هو يلفظ أنفاسه يرتفع فوق نزعة في غناء يفوق شدو السنونو والشحرور روعة. أغنية فائقة ثمنها الحياة.
ويجمد الكون ليسمعه, ويبتسم الله في سماواته. لأن الأفضل لا يبلغ إلا بألم كبير..أو هذا على الأقل ما تقوله الأسطورة."


هذا ما اختارته "كولين مكلو" لتفتح به ثلاثيتها الملحمية "طيور الشوك"

في قديم الزمان ..

كان شاب فقير يعيش عيشة متواضعة
يعمل في النجارة بعد أن فارق أبوه الحياة وأمه توفيت وهو طفل ..
كان دخله بسيطا ولكنه كان قنوعا بحالة راضي النفس ..
كان الشاب مولعا بفتاة ثرية من طبقة راقية ..
أحبها منذ طفولته ومنذ أن رءاها لأول مرة تتجول في أحد عربات والدها الفاخرة ..
تجرهم الخيول ويحوط بهم الخدم ..
تمنى الشاب لو تكن تلك الفتاة زوجته ..
ولكنه لم يتجرأ أن يتقدم لخطبتها ..
فمن المحال أن ترضى بشخص ٍ في مثل حاله ..
لم يحظى حتى بأقل العلم ولم يسبق له أن تعامل مع فتاة من الطبقة النبيلة ..

في يوم من الأيام وبينما كان الشاب يمشي في الغابة ..
لفت نظره طائر جريح مكسور الجناح ..
كان يبدو عليه التألم والتوجع ..
كأنه ابتعد عن عشه وترك والديه في هذه المرحلة المبكرة من عمره ..
سارع الشاب لنجدة الطائر المسكين ..
فأسعفه وأطعمه واستمر في رعايته حتى اشتد ساعده ..
وخف عنه التعب ..
وكانت المفاجأة عندما ..
نطق الطير وشكر الشاب !!
تعجب الشاب من هذا الطائر الغريب ..
فأسماه السنونو المخلص ..
فقد بات كالصديق بل الخليل الذي يؤنسه ويسد فراغه القاتل ..
ومع الأيام ازدات الصداقة بينهما ..
وأصبح لا يفارق أحدهما الآخر ..


كانت صداقة الشاب مع السنونو دافع قوي له لأن يباشر وينجز عمله ..
فقد أصبح معه أنيس يؤنسه في العمل ..
مرت الأيام وبات الشاب يكون ثروة ..
ثم ذاع صيته في البلاد ,
حتى أصبح محله من أفضل المحلات في القرية ..
فترك النجارة وتحول إلى التجارة ..
فأبدع فيها أيضاً ..
وثروته تزداد يوماً بعد يوم ..
أتي اليوم الذي قرر فيه الشاب أن يتوجه إلى خطبة الفتاة الغنية ..
ذهب مع طائر السنونو إلى المدينة لكي يخبطها ..
لم يتردد الوالد في الموافقة خاصة بعد أن سمع الكثير عن هذا الشاب الخلوق والصادق ..
ولكن الفتاة كانت تريد أن تتأكد من صدق نوايا الشاب ..
فطلبت منه طلباً كان كالصاعقة على الشاب ..قالت :
" إئتني غداً بوردة حمراء وسأقبل بك " ..

ولكن الشاب رد عليها مستغرباً :
" إن هذا هو فصل الخريف .. لاتزهر الوردو إلا في الربيع " !!

قالت الفتاة :
" إذاً فلا نصيب بيننا " ..

غادر الشاب كئيباً منكسر الخاطر ,
من أين له أن يأتي بالطلب المستحيل ؟!

رثى الطائر لحال صاحبه وحزن لحزنه ..
فقرر أن يطير ويبحث له عن تلك الوردة ..
بات يجوب الحقول والوديان ,,
ولكنه لم يجد أي وردة في كل أنحاء البلاد ..
وعندما تعب السنونو من الطيران ..
قرر العودة والإستراحة فقد أرهقته الرحلة ..
وفي طريق عودته مر على شجرة شوك ..
كان الشوك يملؤها من كل ناحية ..
فتكلمت إليه الشجرة :
" لقد سمعت أنك تبحث عن وردة حمراء "

رد السنونو :
" نعم, ولكن من أين لكي أن تساعديني يا شجرة الشوك "

ردت الشجرة :
" أنت الوحيد القادر على مساعدة رفيقك "

رد السنونو :
" ولكن كيف, اخبريني "

الشجرة :
" بدمك الساخن يجري في عروقي ستعود لي الحياة مرة أخرى وسأزهر لك الوردة الحمراء ..
الحل سهل .. تقدم نحو شوكي واغرس صدرك بكل قوتك في الشوك .. حتى ينقل الدم من قلبك إلى عروقي فأزهر وتنقذ صاحبك "

رد السنونو :
" ولكن ذلك سيكلفني حياتي !! "

الشجرة :
" ألم ينقذك صاحبك من قبل ؟؟ أما آن الوقت لرد الجميل ؟! "

علامات الحزن تظهر عل وجه الطائر الصغير ..
ليس حزيناً لأنه سيفقد حياته .. بل كان حزنه لأنه لن يرى رفيقه بعد اليوم ..
توجه الطائر إلى بيت الشاب ..
أخبره بأن عليه أن يتوجه نحو شجرة الشوك بعد طلوع الفجر ..
وهناك سيجد الشاب الوردة الحمراء بجانب الشجرة ..
قفز الشاب من الفرحة .. أخيراً سيحظى بحلم حياته ..
وفي اثناء الليل توجه الطائر مرة أخرى إلى الشجرة ..
ثم أغمد صدره في الشوك ..
والشجرة تردد : " أعمق .. أعمق .. حتى أمتص كل قطرة من دمك " ..
بعد أن امتصت الشجرة كل قطرة سقط السنونو على الأرض ..
وأزهرت الشجرة بالوردة الحمراء ..
أتى الشاب متلهفاً بعد طلوع الفجر ليكي يرى الوردة ..
ولكن للأسف كان يوجد شي آخر بجانبها !!!
وقفت الشاب منصدماً يتأمل الموقف وبدأت الدموع
تنسال من عينيه ..
ثم داعبت ريح الخريف أغصان الشجرة وباتت تعزف له سمفونية الوداع ..
 

من روائع الأدب العالمي .. قصة السنونو المخلص والوردة الحمراء
مترجمة من اللغة الإنجلينزية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق